الإنسان: هل هو "حيوان غلاط"؟
بيومي قنديل
عن تعاريف الإنسان:0
مريِّت خلال الدراسة بتاعتي اللي تنتها مستمرة لحد دا الوقت، بتعريفات متعددة للإنسان. أول تعريف كان "الإنسان حيوان عاقل" و التاني كان "الإنسان حيوان ناطق" و تالت تعريف ""حِيوان سياسي" و رابع تعريف "حيوان دحَّاك" و الخامس "له تاريخ". و بعد كدا فقدت كل رغبة في التدوير على أي تعريف جديد بعد ما إتكشِّف لي عجز كل التعاريف اللي مرِّيت بها دي في رسم حدود فاصلة بين الإنسان و كل الكائنات التانية اللي عايشة معانا على ضهر الكورة الأرضية، فالإنسان موش هو الكائن الوحيد "العاقل" و موش هو لوحده "الناطق" و لا اللي عند ميل يعيش في تجمعات و لا "الدحاك" و لا "اللي له تاريخ" و حتى التعريف بتاع "تيودوسيوس دوبزهانسكي"(جامعة شيكاغو 1980) "اللي بيقول: "الإنسان حيوان فقاري بزِّي متعدد الخلايا بيتكاثر جنسيان"، بيلضمنا في مملكة الحيوان، يعني بيرسِّم لنا حد واحد: بنشترك في إيه وي مين، لاكن ما بيرسِّم ش لنا الحد التاني: بنختلف في إيه عن كل اللي بنشترك وياهم. ومعنى كدا إن أنا ٍرسيت من بدري على إن الحدود الفاصلة دي ما لهاش أي وجود و بالتالي ترجع نظرية العالم العظيم "دارون" تتأكد مرة تانية: النشو المتصل للكائنات الحية من أدنى سلم التطور في الأميبا لحد أعلاه وي الإنسان، بدل مُسلَّمة النشو المنفصل للكائنات الحية اللي العقل السامي اللي ساد في العصو- الوسيطة كان بيقول بها. و نظرية "دارون" دي هي النظرية اللي أكدتها خريطة "الجنوم" اللي العلما بالمعنى الدقي للكلمة، إكتشفوها من فترة بسيطة، و الخريطة دي هي اللي دللت على إن البشر بيشتركو ـ بدون عزا للنظرية العنصرية بكافة أشكالها في الثقافة الأوروبية (النازية نموذج) و في الثقافة السامية بمعنى العربية و العبرية بصفة أساسية("أخير أمة" و "الشعب المختار" نموذجين) وي القرود ذاتهم في 99 في المية م الجنيات اللي بتحكم توريث بمعنى نقل الصفات و السمات المختلفة من جيل لجيل.
كسر الصواب:
و كنتيجة طبيعة لرسياني على إن الفرق بين الإنسان و أي كائن حي تاني عايش معانا على سطح الأرض فرق كمي يادوب وماهوش كيفي، بطِّلت أبحث عن أي تعريف جامع-مانع للإنسان. و خلال الرسيان دا طقت في دماغي إننا نقدر نعرِّف الإنسان بإنه "حيوان غلاَّط" يعني بيشترك وي كافة الحيوانات اللي عمَّرت الكورة الأرضية في كل حاجة: النمو و التحرك و التنفس و التغذي و التكاثر، إلاّّ حاجة واحدة اللي هي الغلط، يعني قدرته على ارتكاب الغلط، بمعنى كسر القاعدة كل قاعدة و أي قاعدة. و لولا القدرة دي، اللي بارجع و أسميها قدرة على إرتكاب الغلط، ما كناش إحنا البشر اتنقلنا لا شبر و لا فتر واحد في سلم التطوُّر. يعني لو حصل ـ على سبيل الإفتراض ـ إن جدنا الكبير اللي كان عايش زيه زي الحيوانات في الغابات على تلقيط غزاؤه من على فروع الشجر و ماشي على اربع رجول، ما كان ش غلط و قعد يقف يقف لحد ما وصل لحد ما نصب قامته و بقا "الحيوان المنتصب" Homo Erectus، زي الأنثروبولوجيين الطبيعيين ما بيسمُّوه، و ما كناش خطينا الخطوة الجبارة دي اللي شاورت على بداية افتراقنا، إحنا البشر، عن مملكة الحيوان. و يتضح الحجم الحقيقي للخطوة دي أكتر لما نوازن بين الإنسان و كافة الحيوانات اللي للساع بتمشي على اربعة. و افتكر ما حدش م البشر في كافة مناطق الدنيا ـ فيما عدا منطقتنا السعيدة ـ يقدر ينكر مشيان الإنسان، اللي هو جدنا الكبير في وقت م الأوقات زمان على اربعة و خصوصي لما يلاحظ حركة الدراعين وي الرجلين: إزاي الإيد اليمين بتطلع عند المشي وي الرجل الشمال و العكس صحيح، بمعنى الرجل اليمين وي الإيد الشمال، من غير داعي كبير، إلاّ بس لاجل تشاور على حركة الأربع رجول خلال مشي الإنسان دا قبل ما يبقا إنسان منتصب، زي الصدى اللي بنسمعه جاي من بعيد ما بيشاور ع الصوت اللي كان موجود و راح و انخفا م الوجود.
و إذا كانت كافة الكائنات الحية اللي بتتكاثر تكاثر جنسي بتعتمد في استمرارها في البقاء على إنتاج ـ خلونا نقول بشيئ م التعميم ـ "أطفال"، جداد، إلاّ إن الأطفال عند فصيلة البشر لهم وظيفة أبعد م الإستمرار المادي اللي بتشترك فيه وي كافة الكائنات الحية، هي إستمرار التقدم. و السبب في كدا إن الأطفال بيشكِّلو دُفع جديدة بتيجي دايم ن و أبدن من "برا النسق الثقافي" بتعبير "توماس كون"، و ع شان نديَّق نطاق الموضوع في ضل المساحة المحدودة دي نقول "من برا النسق اللغوي"، فاللغة تعتبر أهم مظهر ثقافي. و خلُّونا نميِّل ع اللغويات بصفته في تصوري أرقى علم إنساني، فالعلم دا هو العلم الانساني الوحيد – في ضي معلوماتي ـ اللي اتحوِّل بقا علم تجريبي. و ما عندي ش أي سبب للتمييلة دي إلاَّ لاجل نستمد منه دليل ع الفرضية بتاعتنا دي: كلمة/نعت حزين بتتحوِّل لـ "حزنان" الجديدة خالص مالص ع اللغة العربية إزاي؟
تغيرات كمية تؤدي لتغيرات كيفية:
أكيد حصل إن طفل مجهول، في مكان مجهول في وقت مجهول "غلط" ـ و القوسين بهدف التحفظ ـ و بدل ما يقول حزين قال "حزنان" و هنا يكون قاسها على صيغة "فعلان" اللي دايم ن يسمعها م الكبار اللي حولين منه: مليان، جربان، خرمان إلخ. و ع شان أكون سادق أكتر، الكبار بالذات "اللي فقدو القدرة ع الغلط" حكمو عليه، بطبيعة الحال بإنه "إرتكب" غلطة، و بعبارة تانية ماقدرش يلتزم زي ما هم ملتزمين بالصواب، و جايز أوي إيمانهم يوصل ـ و الإيمان درجة عالية من درج العمى الذهني و الوجداني الإتنين سوا ـ بهم حد يعتقدو عنده إنهم بيمثِّلو الصواب المطلق قصاد الغلط المطلق لحد الدحك عليه. لاكن الغلطة دي ماتعدي ش من غير ما تسيب أثر مهما كان بسيط عليهم، بدليل أنهم لما يسمعو نفس الغلطة تاني سيان من نفس الطفل و لاَّ من طفل زيه، ح يفتكرو، بالترجيح، أنهم سمعو الغلطة دي قبل كدا. و بطبيعة الحال، ح يميلو، ي كلهم ي بعضهم لتصحيح "الغلطة" دي، بس و هم فاكرين أنها موش أول مرة يسمعوها، و بالتالي "تصحيحهم" ح يكون بالترجيح أقل حدة. و تتن حدتهم في "تصحيحهم" تقل بالتدريج، اللي وتيرته بتعتمد على عوامل متعددة، بعضها يسرَّع و بعضها التاني يبطِّي، لحد ما يلاقو نفسهم قدام صيغتين مقبوليتهم ي متهرَّمةhirarchicalized على خفيف ي متساوية، و بعدين المقبولية دي تبتدي تميل في الرجحان يم الصيغة الجديدة و بالتالي النوسان عن الصيغة القديمة لحد الصيغة القديمة ماتدخل تحت شبورة النسيان ع شان تفسَّح لدخول الصيغة الجديدة تحت ضي الحضور. و بالطريقة دي يحصل التطور. و دا تطور بطبيعة الحال ما هوش ماشي بشكل رأسي، بمعنى لقدام على طول الخط، لاكن بشكل حلزوني، يعني ساعات، و دي قليلة، و لو انها موش نادرة، بيرجع، في حالات متعينة لورا، فأهالي منطقة "بوسطن" بالولايات المتحدة على سبيل المثال رجعو يصرفو فعل get في حالة التصريف التالت كدا (Webster's Dictionary)"get/got/ gotten" اللي كان معروف في العصو-الوسيطة في اللغة الإنجليزي، بعد الإنجليزالقدام نفسهم ما كانو اتخلو عن التصريف دا لصالح الصيغة الأسهل بالطريقة دي:get/got/got(Oxford Dictionary) و دا بيسمح لبعض العلما الأمريكان ينكرو التطور و يأكدو، بدل منه، ع اللي بيسمِّوه "التغير"، بمعنى نفي وجود السهم اللي بيشاور على وجهة "التغير". غيرشي الطابع الرئيسي، هو المشيان لقدام، يعني التقدم مع وجود حالات قليلة معاكسة. فالإنسان مخلوق بيمشي على اتنين، و لو انه بيبتدي بالحبي يعني المشيان على اربعة، زي جدوده البُعاد، لمدة سنة و لاَّ اتنين يادوب.
نفس اللي ينطبق في المجال اللغوي بينطبق على كافة المجالات بالتقريب. ففي مجال البيولوجيا على سبيل المثال، نلاقي "الطفرة"mutation اللي قال بها العالم العظيم "وايزمان" و دي بتظهر في الأول على هيئة "شذوذ" زي "الصباع السادس/الساتت". فلو عرفنا إن الصفة دي سايدة dominant، و موش متنحية recessive بتعبير أستاذنا "مندل" لحكمنا طوالي إنها ح تكون القاعدة في المستقبل بدل ماهي "شذوذ" في الوقت الحاضر.
بقي عليَّ قبل ما اسيب النقطة دي أشاور على إن النهج بتاعي هنا ما هوش أونتولوجيontological لاكن واقعي-مادي صرف، يعني حديتي ما لهوش دعوة بالغلط المقصود (=الأخلاقي)، لا بالسلب و لا بالإيجاب، بمعنى إنعدام الموقف منهnon-attitudal approach ، إكمن همي دا الوقت هو الغلط اللي بيحصل لسبب متحدد: الغلط الـ Sub-consciousاللي بيجتذب مننا حكم قيمي عليه، يعني إدانته لمجرد كسره لقاعدة سابقة الوجود.
جهالة خلاقة:
و بطبيعة الحال الأطفال بيغلطو بصورة موزونة يعني اللغوي يقدر يتنبأ بها، و المقصود يقدرو يغلطو "أغلاط" متعينة و يستحيل "يغلطو" أغلاط متحددة. فمثل ن، مهما الأطفال الإنجليز "غلطو" يستحيل يدخَّلو أداة التعريف على أداة/ حرف جر بالشكل دا:the into ، لاكن أي واحد منهم يقدر أكرر يقدر "يغلط" و يقول:Give me one "chee" please! يعني يتصور إن cheese صيغة جمع مفردها: chee، بدام الـ sالأخرانية بتمثِّل علامة الجمع عند الكبار حولين منه، الكبار اللي بيكتسب منهم لغته خلال "تقليدهم" و الأدق "النسج على نولهم". و نفس الأمر ينطبق ع الطفل المصري و الصيني و الهندي إلخ، فعندنا "الطفل" يقدر "يغلط" و يقول "حزنان" بدل "حزين" لاكن يستحيل "يغلط" و يقول: الـ-على أو "الـ -في" الخ.
و لولا الأطفال، و بعبارة تانية: لولا المستجدين اللي بيوصلو كل شويَّ، و هم مشحونين بطاقة جبارة م الجهالة الخلاقة، بمعنى القدرة الروعة ع "الغلط" لكنا عفنِّا في الصواب المطلق بتاعنا، و بالتالي كنا انقرضنا من زمان أوي.
و إذا عرفنا إن داخل كل واحد مننا، مهما كبر، طفل، فـ ح يكون استعدادنا أكبر نقبل إمكانية القدرة ع الغلط، حتَّا عند الكبار، بمعنى كسر القواعد، ع العكس م النمل و النحل و كافة الكائنات م الحشرات و طالع لحد القرود.
و بالتالي يوجب علينا كل ما نشوف و لاَّ نسمع "غلط" ما نعمل ش لا زيطة و لا زمبليطة، و لا نهنجم(هاج+هجم) ع "الغلطان" فجايز أوي "الغلط" دا يكون هو الصواب اللي جاي بعيد في المدى، و الغلطان هو و بس اللي حس به و شافه و جبده من نطاق المجهول لحيز المعلوم. و دا عمل يستوجب مننا، بدل ما ندمِّ فيه نشكره عليه.
و إيل ما عندنا في نهاية دهليز الغلط، أغلاط المجتمع و الأدق الثقافة السايدة بتعاقب عليها بالإعدام، مع إن بعضها ما بينطوي ش على أي درجة من درج العنف زي "التحول لديانة غير الديانة المحمدية"(=الردة) و "ممارسة الحب من غير عقد معلون"(=الزنا) ح يتن الغلط أي غلط قادر على استثارة الهياج الإنفعالي اللي بيكون في جانب ما هوش قليِّل منه هجوم-دفاعي يعني محاولة زاعقة و مفتعلة لإثبات براءة الذات، مع إن ما في ش حد ـ للساع ـ طلبها منه، و يتضح دا في حماس اللي بيطالبو بتطبيق "الحدود" في الشريعة المحمدية اللي جزء ما هوش هيِّن منها متولف (الردة و الخمر بالذات) على إيدين بشر بعضهم عادي زينا و بعضهم التاني أقل ، و الأدق في الشعبة التالتة من ديانة الساميين، حسب تعبير العالم البريطاني الكبير "روبرتسون سميث"(=الديانة الإبراهيمية) و في ضل الوضع دا ح يتن معظم ضحايا الثقافة السايدة يميلو لتنزيل إدانة مفرطة بأي غلط، و إدانة أشد إفراط باللي بيطالب زيي دا الوقت بإمكانية رؤية جانب إيجابي للغلط من حيث كونه كسر لقاعدة الصواب اللي لولا "الغلط" فيه، بمعنى كسره، لكان النتن ضرب بدننا و التكلُّس قفش في عقلنا.
بين الغلطانين و الصوابيين:
و نقدر بدام لنا عينين و بنقدر نشوف نعرف إن التقدم الإنساني تنه ماشي و الظاهر ح يفضل مدد جاية، على كتاف "الغلطانين" الكبار، و الأدق اللي "الصوابيين" اللي كانو ماليين الفضا بتاع عصورهم حكمو عليهم بإنهم "غلطانين" و ساقو فيها و حكمو بإنهم بيهرطقو و بيكفُرو، من "سقراط" لحد "هايباتيا" و "برونو" و "جاليليو" إلخ و من "ابن المقفع" لحد "السهروردي" و "ابن الراوندي" إلخ. فلولا "الغلط" ما كناش خطينا خطوة واحدة لقدام. و لولا "الغلط" لكنا عفِّنا في "صوابنا" المطلق، اللي "الباطل" ما يطول هوش من أي جهة م الجية.
عن أسباب انهيار مصر القديمة:
و في تصوري الخاص إن الحضارة المصرية القديمة المجيدة ما انهارت ش إلا لما اتخلت عن تعدديتها اللي استمرت وياها آلاف السنين و بدت ترسى على/ و تتمسِّك بـ/ و تتبِّت في صواب واحد و مطلق في المملكة الحديثة، و قعدت تنشد الكمال و تعيد إنتاجه جيل بعد جيل لحد ما اتكلست و خشِّبت و في نهاية المطاف فارقت الواقع و انفصلت عن الحياة و عادت الإنسان، و بكدا كانت كتبت و ع شان ما أبالغ ش ساهمت في كتابة مصيرها بنفسها: السقوط لقمة طرية في إيدين جيرانها م البدو الرحل، بعد ما كانت و استمرت مدة طويلة تتحسب بآلاف السنين، ستهم و تاج راسهم.
موجز القول: اللغة اللي بيسموها، مين دول؟ سدنة الثقافة السايدة، بـ "العامية"، هي في جانب كبير منها مجموع "الغلط"، اللي كبار "الغلطانين"، روَّاد التطوُّر في مصر، و بالتالي المنطقة المحاوطة نا، يعني مرحلة أرقى من مرحلة "الصواب" المطلق، اللي هدد مرة بإبادة الجنس البشري المعروف تم ن خلال العصور الوسيطة.
الصواب= الغلط المقبول:
في إطار المحاولة دي لفهم دور "الغلط" في التطوُّر، و بالذات ع المستوى اللغوي، أحب أسوق القاعدة دي: كل الصواب الراهن، هو مجموع "الأغلاط" اللي ارتكبها الناطقين باللغة دي و لاَّ اللغة ديكهات في وقت فات. فكل كلمة بتمر على لسان أي فرد، بتكتسب تغيُّر، مهما كان طفيف، و إلاَّ ما كناش عرفنا اصحابنا على سماعة التلفون قبل ما ينطقو بأساميهم. و بطبيعة الحال التغيُّر دا منكور و مكروه و موصوف بأوصاف سلبي من جانب "الصوابيين" زي: انحراف، تحريف، تصحيف...إلخ، بس موقفهم دا ما يستاهل ش أي التفات من جانب العلما. فالقاعدة بتقول: إما التطور أو الانقراض (الديناصور نموذج). و التاريخ اللغوي بتاع "اللعق" يعرف على سبيل المثال إن كلمة "العقل" كان معناها القيد اللي العربي بيقيِّد به البعير بتاعه و دا اللي بيتضح من رد الخليفة الأولاني "ابو بكر" على سؤال طرحه عليه أعرابي عن الناقة بتاعته:(عقلها و توكل). و دا تنه يحصل لحد العرب كلهم تم ن، ما "غلطو" فيها ي قبلو "الغلط" فيها و بدو يدوها معنى جديد "انحرف" عن المعنى الأصلي بتاعها و بقا بيدل ع "العقل" المعروف لنا و يقف موازي لكلمات متعددة في اللغات الأجنبي:Reason,mind,intellect etc. و بعبارة أوضح: الصواب هو "الغلط" الراسخ بمعنى المقبول، بعد "الصوابيين" ما يعصرو كذا كام لمونة على نفسهم و يضطرو يقبلوه، هم روخرين.
و على كدا، لما واحد "أكاديمي" يخط كتاب يقول فيه إن كلمة "عمارة" على سبيل المثال معناها موش:architecture، زي ما العرب المعاصرين، بمن فيهم "السوريين" فاهمين. لاكن معناها "الزيارة" فحديث سيادته واقع خارج نطاق "اللغويات"، و أدخل في الديانات، و بالتحديد الديانة الابراهيمية بشعبها التلاتة المعروفة، اللي بتحاول فرض الثبات بمعنى "التقديس" ع العالم المتغير بطبيعته. فجايز أوي معناها كان في وقت م الأوقات زي سيادته ما بيقول، بس التغير طبيعة الكون هو و كل ظواهره سيان ع المستوى المادي و لاَّ المعنوي. فالصواب، باختصار، هو أحدث غلط، البشر ارتكبوه، و بالتالي فوجوده كصواب عمل موقَّت.
و تأسيس على كل اللي فات يتضح لنا إن علة الشرق بمعنى نقطة الضعف الرئيسية في البنية العقلية بتاعته كانت و للساها التقديس، يعني التثبيت و الثبات، أما نقطة القوة عند الغرب(و موش الغرب الجغرافي و بس بطبيعة الحال) فهي التغيير و التجاوز، و بعبارة تانية الشرق اتوهِّم إن الكمال موجود في الماضي، أما الكمال فموجود عند الغرب، و عند العالم المتحضر و بس في المستقبل، بمعنى إن الكمال كان و ح يتنه هدف منشود، نسعى يادوب وراه، زي جدنا، إحنا البشر، الفيلسوف العظيم "بتاح-حوتب"(ح2100ق.ع.م) ما قال، و لو ان السياق عنده كان ماشي في نطاق الكمال الفني. و يوم ما نظن إننا وصلنا له، ح يكون اليوم اللي نفينا فيه التغير و التغيير من حياتنا، و الويل كل الويل، لأمة و لاَّ شعب و لاَّ دولة و لا حتى مؤسسة تنفي القانون دا اللي بينتظم الكون بأسره.
و المصحح عندنا بيتكلم وي "المتعلمين المصريين" زي ما يكون مندوب ساميViceroy، يعني ممثل لدولة احتلال، و هو في حقيقة الأمر كدا، ع المستوى الثقافي، و بعبارة تانية مندوب السيد عمرو بن العاص و الأدق ابن النابغة، اللي الدونية القومية بتاع "المتعلمين المصريين" نفخت و بتنفخ في جتته اللي بقت تراب كل يوم حياة جديدة.
في الفترة من 18 لحد 19 مايو/بشنس 2003 مركز بحوث التنمية التكنولوجية بجامعة القاهرة نظَّم حلقة دراسية(=سيمينار) تحت عنوان {إيه اللغة اللي يوجب علينا نستعملها لتدريس العلوم؟} مع جملة استهلال بتقول:
عند العلوم ما تتكلَّم بالعربي/م القرن التاني للتاسع(هجري)/م القرن التامن للخمس-ت-اشر(م.ع.م.)
المؤتمر(السيمينار)
م القرن التاني/هـ يعني التاسع من عصرنا المعروف م.ع.م. لحد القرن التامن/هـ يعني الخمس-ت-اشر م.ع.م. العلما اتحمسو للتراث الفلسفي و العلمي بتاع القدام و انطلقو في مشروع ضخم م التترجيم م اللغة العربي. و شوي شوي اللغة دي فرضت نفسها كلغة عالمية للعلوم.
م القرن الخمس-ت-اشر و طالع اللغات المحلية اكتسبت شوي شوي أهمية جديدة و اللغة العربي فقدت تفوقها.
و عبر نهج مُقارن للغات اللي كانت و لاَّ للساها لغات علمية كبيرة، الواحد يسال نفسه إزاي لغة م اللغات بتقدر تكتسب منزلة عالمية، و ما إذا العالمية دي بتساهم في تعزيز اللامساواة بين اللغات، و؟؟؟الحلقة ح تحاول كمان تقييم التأثير بتاع عملية التعوليم على التطور بتاع اللغات و أوزانها النسبية.
إيه اللي الدافع ورا اهتمام الفرنسيين بـ "تعريب" العلوم في مصر؟ هل خدمة المصريين المعاصرين؟
نطقة. فإيل ما مصر متميزة، مستقلة و متحررة، كانت جرار شادد المنطقة على طريق الرقي. و دي الحكمة اللي بتسرخ فينا لاجل نسمعها من تاريخنا القديم و الوسيط و الحديث لغاية دولة "محمد علي" اللي ساعات بيسمُّوه آخر فراعنة مصر(و في رأيي جنابه كان نص-فرعون) و طول ما هي دايبة و تابعة و مستعبدة، آدي احنا شايفين المنطقة كلها فين و رايحة على فين، إلا دولة واحدة، هي الوحيدة اللي حاسة بتميزها عن كل اللي حولين منها، و اللي حولين منها بيساعدو في إشعارها ـ ما اعرف ش ليه؟ بالتميز دا ـ و بالتالي فهي دولة/قومية ديمقراطية مستقلة حرة. و طبع ن معروف باقصد أنهي دولة. و حرصي على ضرورة استشعار التميُّز، راجع، عندي للقاعدة اللي بتقول:" فقدان الهوية يوازي فقدان الإرادة."و بطبيعة الحال، تفقيد المصريين لإرادتهم بيصب في حرمانهم من استئناف مجدهم القديم.
مانشستر
11برمهات/مارس 2007
بيومي قنديل
عن تعاريف الإنسان:0
مريِّت خلال الدراسة بتاعتي اللي تنتها مستمرة لحد دا الوقت، بتعريفات متعددة للإنسان. أول تعريف كان "الإنسان حيوان عاقل" و التاني كان "الإنسان حيوان ناطق" و تالت تعريف ""حِيوان سياسي" و رابع تعريف "حيوان دحَّاك" و الخامس "له تاريخ". و بعد كدا فقدت كل رغبة في التدوير على أي تعريف جديد بعد ما إتكشِّف لي عجز كل التعاريف اللي مرِّيت بها دي في رسم حدود فاصلة بين الإنسان و كل الكائنات التانية اللي عايشة معانا على ضهر الكورة الأرضية، فالإنسان موش هو الكائن الوحيد "العاقل" و موش هو لوحده "الناطق" و لا اللي عند ميل يعيش في تجمعات و لا "الدحاك" و لا "اللي له تاريخ" و حتى التعريف بتاع "تيودوسيوس دوبزهانسكي"(جامعة شيكاغو 1980) "اللي بيقول: "الإنسان حيوان فقاري بزِّي متعدد الخلايا بيتكاثر جنسيان"، بيلضمنا في مملكة الحيوان، يعني بيرسِّم لنا حد واحد: بنشترك في إيه وي مين، لاكن ما بيرسِّم ش لنا الحد التاني: بنختلف في إيه عن كل اللي بنشترك وياهم. ومعنى كدا إن أنا ٍرسيت من بدري على إن الحدود الفاصلة دي ما لهاش أي وجود و بالتالي ترجع نظرية العالم العظيم "دارون" تتأكد مرة تانية: النشو المتصل للكائنات الحية من أدنى سلم التطور في الأميبا لحد أعلاه وي الإنسان، بدل مُسلَّمة النشو المنفصل للكائنات الحية اللي العقل السامي اللي ساد في العصو- الوسيطة كان بيقول بها. و نظرية "دارون" دي هي النظرية اللي أكدتها خريطة "الجنوم" اللي العلما بالمعنى الدقي للكلمة، إكتشفوها من فترة بسيطة، و الخريطة دي هي اللي دللت على إن البشر بيشتركو ـ بدون عزا للنظرية العنصرية بكافة أشكالها في الثقافة الأوروبية (النازية نموذج) و في الثقافة السامية بمعنى العربية و العبرية بصفة أساسية("أخير أمة" و "الشعب المختار" نموذجين) وي القرود ذاتهم في 99 في المية م الجنيات اللي بتحكم توريث بمعنى نقل الصفات و السمات المختلفة من جيل لجيل.
كسر الصواب:
و كنتيجة طبيعة لرسياني على إن الفرق بين الإنسان و أي كائن حي تاني عايش معانا على سطح الأرض فرق كمي يادوب وماهوش كيفي، بطِّلت أبحث عن أي تعريف جامع-مانع للإنسان. و خلال الرسيان دا طقت في دماغي إننا نقدر نعرِّف الإنسان بإنه "حيوان غلاَّط" يعني بيشترك وي كافة الحيوانات اللي عمَّرت الكورة الأرضية في كل حاجة: النمو و التحرك و التنفس و التغذي و التكاثر، إلاّّ حاجة واحدة اللي هي الغلط، يعني قدرته على ارتكاب الغلط، بمعنى كسر القاعدة كل قاعدة و أي قاعدة. و لولا القدرة دي، اللي بارجع و أسميها قدرة على إرتكاب الغلط، ما كناش إحنا البشر اتنقلنا لا شبر و لا فتر واحد في سلم التطوُّر. يعني لو حصل ـ على سبيل الإفتراض ـ إن جدنا الكبير اللي كان عايش زيه زي الحيوانات في الغابات على تلقيط غزاؤه من على فروع الشجر و ماشي على اربع رجول، ما كان ش غلط و قعد يقف يقف لحد ما وصل لحد ما نصب قامته و بقا "الحيوان المنتصب" Homo Erectus، زي الأنثروبولوجيين الطبيعيين ما بيسمُّوه، و ما كناش خطينا الخطوة الجبارة دي اللي شاورت على بداية افتراقنا، إحنا البشر، عن مملكة الحيوان. و يتضح الحجم الحقيقي للخطوة دي أكتر لما نوازن بين الإنسان و كافة الحيوانات اللي للساع بتمشي على اربعة. و افتكر ما حدش م البشر في كافة مناطق الدنيا ـ فيما عدا منطقتنا السعيدة ـ يقدر ينكر مشيان الإنسان، اللي هو جدنا الكبير في وقت م الأوقات زمان على اربعة و خصوصي لما يلاحظ حركة الدراعين وي الرجلين: إزاي الإيد اليمين بتطلع عند المشي وي الرجل الشمال و العكس صحيح، بمعنى الرجل اليمين وي الإيد الشمال، من غير داعي كبير، إلاّ بس لاجل تشاور على حركة الأربع رجول خلال مشي الإنسان دا قبل ما يبقا إنسان منتصب، زي الصدى اللي بنسمعه جاي من بعيد ما بيشاور ع الصوت اللي كان موجود و راح و انخفا م الوجود.
و إذا كانت كافة الكائنات الحية اللي بتتكاثر تكاثر جنسي بتعتمد في استمرارها في البقاء على إنتاج ـ خلونا نقول بشيئ م التعميم ـ "أطفال"، جداد، إلاّ إن الأطفال عند فصيلة البشر لهم وظيفة أبعد م الإستمرار المادي اللي بتشترك فيه وي كافة الكائنات الحية، هي إستمرار التقدم. و السبب في كدا إن الأطفال بيشكِّلو دُفع جديدة بتيجي دايم ن و أبدن من "برا النسق الثقافي" بتعبير "توماس كون"، و ع شان نديَّق نطاق الموضوع في ضل المساحة المحدودة دي نقول "من برا النسق اللغوي"، فاللغة تعتبر أهم مظهر ثقافي. و خلُّونا نميِّل ع اللغويات بصفته في تصوري أرقى علم إنساني، فالعلم دا هو العلم الانساني الوحيد – في ضي معلوماتي ـ اللي اتحوِّل بقا علم تجريبي. و ما عندي ش أي سبب للتمييلة دي إلاَّ لاجل نستمد منه دليل ع الفرضية بتاعتنا دي: كلمة/نعت حزين بتتحوِّل لـ "حزنان" الجديدة خالص مالص ع اللغة العربية إزاي؟
تغيرات كمية تؤدي لتغيرات كيفية:
أكيد حصل إن طفل مجهول، في مكان مجهول في وقت مجهول "غلط" ـ و القوسين بهدف التحفظ ـ و بدل ما يقول حزين قال "حزنان" و هنا يكون قاسها على صيغة "فعلان" اللي دايم ن يسمعها م الكبار اللي حولين منه: مليان، جربان، خرمان إلخ. و ع شان أكون سادق أكتر، الكبار بالذات "اللي فقدو القدرة ع الغلط" حكمو عليه، بطبيعة الحال بإنه "إرتكب" غلطة، و بعبارة تانية ماقدرش يلتزم زي ما هم ملتزمين بالصواب، و جايز أوي إيمانهم يوصل ـ و الإيمان درجة عالية من درج العمى الذهني و الوجداني الإتنين سوا ـ بهم حد يعتقدو عنده إنهم بيمثِّلو الصواب المطلق قصاد الغلط المطلق لحد الدحك عليه. لاكن الغلطة دي ماتعدي ش من غير ما تسيب أثر مهما كان بسيط عليهم، بدليل أنهم لما يسمعو نفس الغلطة تاني سيان من نفس الطفل و لاَّ من طفل زيه، ح يفتكرو، بالترجيح، أنهم سمعو الغلطة دي قبل كدا. و بطبيعة الحال، ح يميلو، ي كلهم ي بعضهم لتصحيح "الغلطة" دي، بس و هم فاكرين أنها موش أول مرة يسمعوها، و بالتالي "تصحيحهم" ح يكون بالترجيح أقل حدة. و تتن حدتهم في "تصحيحهم" تقل بالتدريج، اللي وتيرته بتعتمد على عوامل متعددة، بعضها يسرَّع و بعضها التاني يبطِّي، لحد ما يلاقو نفسهم قدام صيغتين مقبوليتهم ي متهرَّمةhirarchicalized على خفيف ي متساوية، و بعدين المقبولية دي تبتدي تميل في الرجحان يم الصيغة الجديدة و بالتالي النوسان عن الصيغة القديمة لحد الصيغة القديمة ماتدخل تحت شبورة النسيان ع شان تفسَّح لدخول الصيغة الجديدة تحت ضي الحضور. و بالطريقة دي يحصل التطور. و دا تطور بطبيعة الحال ما هوش ماشي بشكل رأسي، بمعنى لقدام على طول الخط، لاكن بشكل حلزوني، يعني ساعات، و دي قليلة، و لو انها موش نادرة، بيرجع، في حالات متعينة لورا، فأهالي منطقة "بوسطن" بالولايات المتحدة على سبيل المثال رجعو يصرفو فعل get في حالة التصريف التالت كدا (Webster's Dictionary)"get/got/ gotten" اللي كان معروف في العصو-الوسيطة في اللغة الإنجليزي، بعد الإنجليزالقدام نفسهم ما كانو اتخلو عن التصريف دا لصالح الصيغة الأسهل بالطريقة دي:get/got/got(Oxford Dictionary) و دا بيسمح لبعض العلما الأمريكان ينكرو التطور و يأكدو، بدل منه، ع اللي بيسمِّوه "التغير"، بمعنى نفي وجود السهم اللي بيشاور على وجهة "التغير". غيرشي الطابع الرئيسي، هو المشيان لقدام، يعني التقدم مع وجود حالات قليلة معاكسة. فالإنسان مخلوق بيمشي على اتنين، و لو انه بيبتدي بالحبي يعني المشيان على اربعة، زي جدوده البُعاد، لمدة سنة و لاَّ اتنين يادوب.
نفس اللي ينطبق في المجال اللغوي بينطبق على كافة المجالات بالتقريب. ففي مجال البيولوجيا على سبيل المثال، نلاقي "الطفرة"mutation اللي قال بها العالم العظيم "وايزمان" و دي بتظهر في الأول على هيئة "شذوذ" زي "الصباع السادس/الساتت". فلو عرفنا إن الصفة دي سايدة dominant، و موش متنحية recessive بتعبير أستاذنا "مندل" لحكمنا طوالي إنها ح تكون القاعدة في المستقبل بدل ماهي "شذوذ" في الوقت الحاضر.
بقي عليَّ قبل ما اسيب النقطة دي أشاور على إن النهج بتاعي هنا ما هوش أونتولوجيontological لاكن واقعي-مادي صرف، يعني حديتي ما لهوش دعوة بالغلط المقصود (=الأخلاقي)، لا بالسلب و لا بالإيجاب، بمعنى إنعدام الموقف منهnon-attitudal approach ، إكمن همي دا الوقت هو الغلط اللي بيحصل لسبب متحدد: الغلط الـ Sub-consciousاللي بيجتذب مننا حكم قيمي عليه، يعني إدانته لمجرد كسره لقاعدة سابقة الوجود.
جهالة خلاقة:
و بطبيعة الحال الأطفال بيغلطو بصورة موزونة يعني اللغوي يقدر يتنبأ بها، و المقصود يقدرو يغلطو "أغلاط" متعينة و يستحيل "يغلطو" أغلاط متحددة. فمثل ن، مهما الأطفال الإنجليز "غلطو" يستحيل يدخَّلو أداة التعريف على أداة/ حرف جر بالشكل دا:the into ، لاكن أي واحد منهم يقدر أكرر يقدر "يغلط" و يقول:Give me one "chee" please! يعني يتصور إن cheese صيغة جمع مفردها: chee، بدام الـ sالأخرانية بتمثِّل علامة الجمع عند الكبار حولين منه، الكبار اللي بيكتسب منهم لغته خلال "تقليدهم" و الأدق "النسج على نولهم". و نفس الأمر ينطبق ع الطفل المصري و الصيني و الهندي إلخ، فعندنا "الطفل" يقدر "يغلط" و يقول "حزنان" بدل "حزين" لاكن يستحيل "يغلط" و يقول: الـ-على أو "الـ -في" الخ.
و لولا الأطفال، و بعبارة تانية: لولا المستجدين اللي بيوصلو كل شويَّ، و هم مشحونين بطاقة جبارة م الجهالة الخلاقة، بمعنى القدرة الروعة ع "الغلط" لكنا عفنِّا في الصواب المطلق بتاعنا، و بالتالي كنا انقرضنا من زمان أوي.
و إذا عرفنا إن داخل كل واحد مننا، مهما كبر، طفل، فـ ح يكون استعدادنا أكبر نقبل إمكانية القدرة ع الغلط، حتَّا عند الكبار، بمعنى كسر القواعد، ع العكس م النمل و النحل و كافة الكائنات م الحشرات و طالع لحد القرود.
و بالتالي يوجب علينا كل ما نشوف و لاَّ نسمع "غلط" ما نعمل ش لا زيطة و لا زمبليطة، و لا نهنجم(هاج+هجم) ع "الغلطان" فجايز أوي "الغلط" دا يكون هو الصواب اللي جاي بعيد في المدى، و الغلطان هو و بس اللي حس به و شافه و جبده من نطاق المجهول لحيز المعلوم. و دا عمل يستوجب مننا، بدل ما ندمِّ فيه نشكره عليه.
و إيل ما عندنا في نهاية دهليز الغلط، أغلاط المجتمع و الأدق الثقافة السايدة بتعاقب عليها بالإعدام، مع إن بعضها ما بينطوي ش على أي درجة من درج العنف زي "التحول لديانة غير الديانة المحمدية"(=الردة) و "ممارسة الحب من غير عقد معلون"(=الزنا) ح يتن الغلط أي غلط قادر على استثارة الهياج الإنفعالي اللي بيكون في جانب ما هوش قليِّل منه هجوم-دفاعي يعني محاولة زاعقة و مفتعلة لإثبات براءة الذات، مع إن ما في ش حد ـ للساع ـ طلبها منه، و يتضح دا في حماس اللي بيطالبو بتطبيق "الحدود" في الشريعة المحمدية اللي جزء ما هوش هيِّن منها متولف (الردة و الخمر بالذات) على إيدين بشر بعضهم عادي زينا و بعضهم التاني أقل ، و الأدق في الشعبة التالتة من ديانة الساميين، حسب تعبير العالم البريطاني الكبير "روبرتسون سميث"(=الديانة الإبراهيمية) و في ضل الوضع دا ح يتن معظم ضحايا الثقافة السايدة يميلو لتنزيل إدانة مفرطة بأي غلط، و إدانة أشد إفراط باللي بيطالب زيي دا الوقت بإمكانية رؤية جانب إيجابي للغلط من حيث كونه كسر لقاعدة الصواب اللي لولا "الغلط" فيه، بمعنى كسره، لكان النتن ضرب بدننا و التكلُّس قفش في عقلنا.
بين الغلطانين و الصوابيين:
و نقدر بدام لنا عينين و بنقدر نشوف نعرف إن التقدم الإنساني تنه ماشي و الظاهر ح يفضل مدد جاية، على كتاف "الغلطانين" الكبار، و الأدق اللي "الصوابيين" اللي كانو ماليين الفضا بتاع عصورهم حكمو عليهم بإنهم "غلطانين" و ساقو فيها و حكمو بإنهم بيهرطقو و بيكفُرو، من "سقراط" لحد "هايباتيا" و "برونو" و "جاليليو" إلخ و من "ابن المقفع" لحد "السهروردي" و "ابن الراوندي" إلخ. فلولا "الغلط" ما كناش خطينا خطوة واحدة لقدام. و لولا "الغلط" لكنا عفِّنا في "صوابنا" المطلق، اللي "الباطل" ما يطول هوش من أي جهة م الجية.
عن أسباب انهيار مصر القديمة:
و في تصوري الخاص إن الحضارة المصرية القديمة المجيدة ما انهارت ش إلا لما اتخلت عن تعدديتها اللي استمرت وياها آلاف السنين و بدت ترسى على/ و تتمسِّك بـ/ و تتبِّت في صواب واحد و مطلق في المملكة الحديثة، و قعدت تنشد الكمال و تعيد إنتاجه جيل بعد جيل لحد ما اتكلست و خشِّبت و في نهاية المطاف فارقت الواقع و انفصلت عن الحياة و عادت الإنسان، و بكدا كانت كتبت و ع شان ما أبالغ ش ساهمت في كتابة مصيرها بنفسها: السقوط لقمة طرية في إيدين جيرانها م البدو الرحل، بعد ما كانت و استمرت مدة طويلة تتحسب بآلاف السنين، ستهم و تاج راسهم.
موجز القول: اللغة اللي بيسموها، مين دول؟ سدنة الثقافة السايدة، بـ "العامية"، هي في جانب كبير منها مجموع "الغلط"، اللي كبار "الغلطانين"، روَّاد التطوُّر في مصر، و بالتالي المنطقة المحاوطة نا، يعني مرحلة أرقى من مرحلة "الصواب" المطلق، اللي هدد مرة بإبادة الجنس البشري المعروف تم ن خلال العصور الوسيطة.
الصواب= الغلط المقبول:
في إطار المحاولة دي لفهم دور "الغلط" في التطوُّر، و بالذات ع المستوى اللغوي، أحب أسوق القاعدة دي: كل الصواب الراهن، هو مجموع "الأغلاط" اللي ارتكبها الناطقين باللغة دي و لاَّ اللغة ديكهات في وقت فات. فكل كلمة بتمر على لسان أي فرد، بتكتسب تغيُّر، مهما كان طفيف، و إلاَّ ما كناش عرفنا اصحابنا على سماعة التلفون قبل ما ينطقو بأساميهم. و بطبيعة الحال التغيُّر دا منكور و مكروه و موصوف بأوصاف سلبي من جانب "الصوابيين" زي: انحراف، تحريف، تصحيف...إلخ، بس موقفهم دا ما يستاهل ش أي التفات من جانب العلما. فالقاعدة بتقول: إما التطور أو الانقراض (الديناصور نموذج). و التاريخ اللغوي بتاع "اللعق" يعرف على سبيل المثال إن كلمة "العقل" كان معناها القيد اللي العربي بيقيِّد به البعير بتاعه و دا اللي بيتضح من رد الخليفة الأولاني "ابو بكر" على سؤال طرحه عليه أعرابي عن الناقة بتاعته:(عقلها و توكل). و دا تنه يحصل لحد العرب كلهم تم ن، ما "غلطو" فيها ي قبلو "الغلط" فيها و بدو يدوها معنى جديد "انحرف" عن المعنى الأصلي بتاعها و بقا بيدل ع "العقل" المعروف لنا و يقف موازي لكلمات متعددة في اللغات الأجنبي:Reason,mind,intellect etc. و بعبارة أوضح: الصواب هو "الغلط" الراسخ بمعنى المقبول، بعد "الصوابيين" ما يعصرو كذا كام لمونة على نفسهم و يضطرو يقبلوه، هم روخرين.
و على كدا، لما واحد "أكاديمي" يخط كتاب يقول فيه إن كلمة "عمارة" على سبيل المثال معناها موش:architecture، زي ما العرب المعاصرين، بمن فيهم "السوريين" فاهمين. لاكن معناها "الزيارة" فحديث سيادته واقع خارج نطاق "اللغويات"، و أدخل في الديانات، و بالتحديد الديانة الابراهيمية بشعبها التلاتة المعروفة، اللي بتحاول فرض الثبات بمعنى "التقديس" ع العالم المتغير بطبيعته. فجايز أوي معناها كان في وقت م الأوقات زي سيادته ما بيقول، بس التغير طبيعة الكون هو و كل ظواهره سيان ع المستوى المادي و لاَّ المعنوي. فالصواب، باختصار، هو أحدث غلط، البشر ارتكبوه، و بالتالي فوجوده كصواب عمل موقَّت.
و تأسيس على كل اللي فات يتضح لنا إن علة الشرق بمعنى نقطة الضعف الرئيسية في البنية العقلية بتاعته كانت و للساها التقديس، يعني التثبيت و الثبات، أما نقطة القوة عند الغرب(و موش الغرب الجغرافي و بس بطبيعة الحال) فهي التغيير و التجاوز، و بعبارة تانية الشرق اتوهِّم إن الكمال موجود في الماضي، أما الكمال فموجود عند الغرب، و عند العالم المتحضر و بس في المستقبل، بمعنى إن الكمال كان و ح يتنه هدف منشود، نسعى يادوب وراه، زي جدنا، إحنا البشر، الفيلسوف العظيم "بتاح-حوتب"(ح2100ق.ع.م) ما قال، و لو ان السياق عنده كان ماشي في نطاق الكمال الفني. و يوم ما نظن إننا وصلنا له، ح يكون اليوم اللي نفينا فيه التغير و التغيير من حياتنا، و الويل كل الويل، لأمة و لاَّ شعب و لاَّ دولة و لا حتى مؤسسة تنفي القانون دا اللي بينتظم الكون بأسره.
و المصحح عندنا بيتكلم وي "المتعلمين المصريين" زي ما يكون مندوب ساميViceroy، يعني ممثل لدولة احتلال، و هو في حقيقة الأمر كدا، ع المستوى الثقافي، و بعبارة تانية مندوب السيد عمرو بن العاص و الأدق ابن النابغة، اللي الدونية القومية بتاع "المتعلمين المصريين" نفخت و بتنفخ في جتته اللي بقت تراب كل يوم حياة جديدة.
في الفترة من 18 لحد 19 مايو/بشنس 2003 مركز بحوث التنمية التكنولوجية بجامعة القاهرة نظَّم حلقة دراسية(=سيمينار) تحت عنوان {إيه اللغة اللي يوجب علينا نستعملها لتدريس العلوم؟} مع جملة استهلال بتقول:
عند العلوم ما تتكلَّم بالعربي/م القرن التاني للتاسع(هجري)/م القرن التامن للخمس-ت-اشر(م.ع.م.)
المؤتمر(السيمينار)
م القرن التاني/هـ يعني التاسع من عصرنا المعروف م.ع.م. لحد القرن التامن/هـ يعني الخمس-ت-اشر م.ع.م. العلما اتحمسو للتراث الفلسفي و العلمي بتاع القدام و انطلقو في مشروع ضخم م التترجيم م اللغة العربي. و شوي شوي اللغة دي فرضت نفسها كلغة عالمية للعلوم.
م القرن الخمس-ت-اشر و طالع اللغات المحلية اكتسبت شوي شوي أهمية جديدة و اللغة العربي فقدت تفوقها.
و عبر نهج مُقارن للغات اللي كانت و لاَّ للساها لغات علمية كبيرة، الواحد يسال نفسه إزاي لغة م اللغات بتقدر تكتسب منزلة عالمية، و ما إذا العالمية دي بتساهم في تعزيز اللامساواة بين اللغات، و؟؟؟الحلقة ح تحاول كمان تقييم التأثير بتاع عملية التعوليم على التطور بتاع اللغات و أوزانها النسبية.
إيه اللي الدافع ورا اهتمام الفرنسيين بـ "تعريب" العلوم في مصر؟ هل خدمة المصريين المعاصرين؟
نطقة. فإيل ما مصر متميزة، مستقلة و متحررة، كانت جرار شادد المنطقة على طريق الرقي. و دي الحكمة اللي بتسرخ فينا لاجل نسمعها من تاريخنا القديم و الوسيط و الحديث لغاية دولة "محمد علي" اللي ساعات بيسمُّوه آخر فراعنة مصر(و في رأيي جنابه كان نص-فرعون) و طول ما هي دايبة و تابعة و مستعبدة، آدي احنا شايفين المنطقة كلها فين و رايحة على فين، إلا دولة واحدة، هي الوحيدة اللي حاسة بتميزها عن كل اللي حولين منها، و اللي حولين منها بيساعدو في إشعارها ـ ما اعرف ش ليه؟ بالتميز دا ـ و بالتالي فهي دولة/قومية ديمقراطية مستقلة حرة. و طبع ن معروف باقصد أنهي دولة. و حرصي على ضرورة استشعار التميُّز، راجع، عندي للقاعدة اللي بتقول:" فقدان الهوية يوازي فقدان الإرادة."و بطبيعة الحال، تفقيد المصريين لإرادتهم بيصب في حرمانهم من استئناف مجدهم القديم.
مانشستر
11برمهات/مارس 2007