صعـــايدة
قصة قُصيَّرة
فتحْت باب شقتنا اللي كان منها للسلم طوالي في الدور الرابع. لقيتني قدام تلات آلهة. كل واحد فِرِع عن اخوه. بس كلهم متعممين، شال العمة شاهي يشرب من عليه الزرزور و محبوك بنظاجة زي ما يكون كف فوق-بشري هو اللي لفه. و العيون عيون صقور و الوش ح تنط منه حمشة الشموس كل الشموس اللي عدت عليه. أما العود فسمهري، ما كسِّم هوش بالشكل دا الاَّ فلح الأرض.
وقفنا، هم و انا في وش بعض، سكت ن بُكم ن. مين دول، ح اعرف من اين؟ زرِّيت جفوني عايز أعرف. و كان ممكن أوي أتني على غُماي لولا ابنهم، اللي لمحته واقف ورا منهم. فرسيت مين هم و سبب مجيهم في نفس الوقت.
مدِّيت يميني على طول دراعي قدام منهم:
ـ اتفضَّلو!
عم "عبده" الطباخ النوبي العجوز اللي كنت سبقته في فتح الباب، زرجن. وشه ازرق. غيِّم. كررت أنا ترحيبي بضيوفي.
دخلو.
قعدو كل واحد في كرسي في الصالة على هيئة نص دَوَرية. و ابنهم أصل المُشكل تنه واقف. شيلت عيني لعم "عبده" و قلت:
ـ إعمل لنا شاي!
عم "عبده"، اللي كان على علم بكل التفاصيل دبدب في الأرض.
إتكِّيت ع الحروف بعزمي:
ـ إعمل لنا شاي يا عم "عبده"!
عم "عبده" انسحب بعد ما ساب روحه حولين مني: طير بجناحين تابتين في الجو، واحد مفرود على استقامته و التاني لاففني زي ما يكون دراع.
اتطلَّعت للشباك الشرقي، لقيته "هدَّار" بيُدفُق طيور سودا، ح تملا و ترعم الشقة. هميِّت أشاور لـ "عم عبده" يقفله. بس العجوز النوبي ما كان ش في مرمى لا البصر و لا الندهة.
علَّق ع الشاي ـ الظاهر ـ و رجع وقف فوق راسي زي يكون أم، قصاد "ضيوفي"، اللي ما كانوش لا ع البال و لا في النية، بإحساس غميق ـ معروف عنه ـ بواجب الانتصار على طول الخط للغربا اللي خطاويهم شالتهم بعيد عن مسقط روسهم، مع انك لو تنفخه يطير.
كبير الآلهة التلاتة اتطلع لي. سأل بصوت مُحايد:
ـ إيه اللي حصل؟
بنفس الحياد على وش التقريب رديت باستفهام:
ـ يا إما أنا أحكي، ي إما إبنكو، بس ما يكدب ش...
عينين صاحبنا اللي هو الطرف التاني في اللي حصل انزوت في محاجرها، و راسه وقعت على سدره، و في اللحظة دي كان ساب إيديه يساعدوه و هو بينسحب من قدام التحدي اللي لقاه في وشه:
ـ أنا موش ح احكي حاجة!
و دوَّر سدغه اليمين اللي قعدته كانت حطته براها، زي ما يكون بيستشفع بالحلقات الزرقا حولين عينيه في تعزيز موقفه. أما دراعه فكان مشنوط في رقبته بشناط ظاهر من كل الجية، و بالتالي ما يحتاج ش لفت نظر.
حكيت.
نهيت حكايتي. لقيت كبير الآلهة بص في عينين ابنهم بحب استطلاع متبطن بشيئ م التوجس، ليكون اللي حكيته هو اللي حصل بحق و حقيق. و باين الراجل كان لمس إن الكلام راكب في بعضه. زيد على كدا سادق. و للسُّدق رنة ما تعدي ش ع الفلاحين. ابنهم عينيه هربت من عمه و لاَّ خاله ـ ح اعرف انا من اين ـ بعيد.
في اللحظة دي جناح "عم عبده" كان حط على ترابيزة السفرة على بُعد مدة إيد، صنية الشاي النوبي المتعطر بعطر عجب ما تعرف ش ان كان الشهامة و لا َّ الجراءة، مع إن العجوز النوبي يتلف في منديل و ينشال في جيب.
كبير التالوت اتنتر وقف على حيله. و في نفس الوقت بصيت لقيت ابنهم كان لزق في الأرض متغطي برنة كف خشبي.
اتطلَّع لي راس التالوت خزيان و قال بشجاعة ما تقل ش عن شجاعة "هيكتور" دفاع عن تراب وطنه قدام "أخيل" أعظم محارب ولدته ولاَّدة في التاريخ. و طاطي راسه قدامي بنبالة ما تقل ش عن نبالة بطل بشمور "مينا ابن بقيرة": مهزوم صحيح بس في معركة واجب. خطا خطوة واسعة و تابتة يم الباب و هو بيقول:
ـ إحنا متأسفين لك يا أستاذ!
قصة قُصيَّرة
فتحْت باب شقتنا اللي كان منها للسلم طوالي في الدور الرابع. لقيتني قدام تلات آلهة. كل واحد فِرِع عن اخوه. بس كلهم متعممين، شال العمة شاهي يشرب من عليه الزرزور و محبوك بنظاجة زي ما يكون كف فوق-بشري هو اللي لفه. و العيون عيون صقور و الوش ح تنط منه حمشة الشموس كل الشموس اللي عدت عليه. أما العود فسمهري، ما كسِّم هوش بالشكل دا الاَّ فلح الأرض.
وقفنا، هم و انا في وش بعض، سكت ن بُكم ن. مين دول، ح اعرف من اين؟ زرِّيت جفوني عايز أعرف. و كان ممكن أوي أتني على غُماي لولا ابنهم، اللي لمحته واقف ورا منهم. فرسيت مين هم و سبب مجيهم في نفس الوقت.
مدِّيت يميني على طول دراعي قدام منهم:
ـ اتفضَّلو!
عم "عبده" الطباخ النوبي العجوز اللي كنت سبقته في فتح الباب، زرجن. وشه ازرق. غيِّم. كررت أنا ترحيبي بضيوفي.
دخلو.
قعدو كل واحد في كرسي في الصالة على هيئة نص دَوَرية. و ابنهم أصل المُشكل تنه واقف. شيلت عيني لعم "عبده" و قلت:
ـ إعمل لنا شاي!
عم "عبده"، اللي كان على علم بكل التفاصيل دبدب في الأرض.
إتكِّيت ع الحروف بعزمي:
ـ إعمل لنا شاي يا عم "عبده"!
عم "عبده" انسحب بعد ما ساب روحه حولين مني: طير بجناحين تابتين في الجو، واحد مفرود على استقامته و التاني لاففني زي ما يكون دراع.
اتطلَّعت للشباك الشرقي، لقيته "هدَّار" بيُدفُق طيور سودا، ح تملا و ترعم الشقة. هميِّت أشاور لـ "عم عبده" يقفله. بس العجوز النوبي ما كان ش في مرمى لا البصر و لا الندهة.
علَّق ع الشاي ـ الظاهر ـ و رجع وقف فوق راسي زي يكون أم، قصاد "ضيوفي"، اللي ما كانوش لا ع البال و لا في النية، بإحساس غميق ـ معروف عنه ـ بواجب الانتصار على طول الخط للغربا اللي خطاويهم شالتهم بعيد عن مسقط روسهم، مع انك لو تنفخه يطير.
كبير الآلهة التلاتة اتطلع لي. سأل بصوت مُحايد:
ـ إيه اللي حصل؟
بنفس الحياد على وش التقريب رديت باستفهام:
ـ يا إما أنا أحكي، ي إما إبنكو، بس ما يكدب ش...
عينين صاحبنا اللي هو الطرف التاني في اللي حصل انزوت في محاجرها، و راسه وقعت على سدره، و في اللحظة دي كان ساب إيديه يساعدوه و هو بينسحب من قدام التحدي اللي لقاه في وشه:
ـ أنا موش ح احكي حاجة!
و دوَّر سدغه اليمين اللي قعدته كانت حطته براها، زي ما يكون بيستشفع بالحلقات الزرقا حولين عينيه في تعزيز موقفه. أما دراعه فكان مشنوط في رقبته بشناط ظاهر من كل الجية، و بالتالي ما يحتاج ش لفت نظر.
حكيت.
نهيت حكايتي. لقيت كبير الآلهة بص في عينين ابنهم بحب استطلاع متبطن بشيئ م التوجس، ليكون اللي حكيته هو اللي حصل بحق و حقيق. و باين الراجل كان لمس إن الكلام راكب في بعضه. زيد على كدا سادق. و للسُّدق رنة ما تعدي ش ع الفلاحين. ابنهم عينيه هربت من عمه و لاَّ خاله ـ ح اعرف انا من اين ـ بعيد.
في اللحظة دي جناح "عم عبده" كان حط على ترابيزة السفرة على بُعد مدة إيد، صنية الشاي النوبي المتعطر بعطر عجب ما تعرف ش ان كان الشهامة و لا َّ الجراءة، مع إن العجوز النوبي يتلف في منديل و ينشال في جيب.
كبير التالوت اتنتر وقف على حيله. و في نفس الوقت بصيت لقيت ابنهم كان لزق في الأرض متغطي برنة كف خشبي.
اتطلَّع لي راس التالوت خزيان و قال بشجاعة ما تقل ش عن شجاعة "هيكتور" دفاع عن تراب وطنه قدام "أخيل" أعظم محارب ولدته ولاَّدة في التاريخ. و طاطي راسه قدامي بنبالة ما تقل ش عن نبالة بطل بشمور "مينا ابن بقيرة": مهزوم صحيح بس في معركة واجب. خطا خطوة واسعة و تابتة يم الباب و هو بيقول:
ـ إحنا متأسفين لك يا أستاذ!