روح .. مدونة مصرية ح تصدر قريِّب. اللغة الرئيسية بتاعتها هي "اللمح"يعني اللغة المصري الحديثة.."قول الحق و اتبع الحق، ع شان مافي ش فيه أقوى م الحق، إجبن الحق هو اللي بيجلب للحقاني التوقير"(الفلاح الفصيح.العصر الإهناسي. من عصور مصر (القديمة.

السبت، ١١ أبريل ٢٠٠٩

جزيرة القرصاية
النيل طــــرَّاح،
يغرف بالزوف من قلب الحرْش و الغاب،
و يجيب و يسيب ع الضفوف
في البراح!
لا حبوب لا زهور، لا فواكه ولا أسماك،
قمح فول، عدس تفاح،
ياسمين، قُرطم، عنَّاب، ست الحُسن قرَض حُمِّيض،
قلْقاس، "ديل قُط"، "عنب ديب"، حنَّة،
و شجر صوف فوق الوصوف،
قراميط و شيلان،
إحدف انت أسامي على كيف كيفك تلقاه،
دوغري لقط من نور الطين بين صابعين بنُّور،
لكل اسم ن كان مسمى و على دولاب "خنوم"
سوَّاه!
النيل زي ما تقول إلاه،
ما نسي ش اسم إلاَّ إداه من باله ُمسمَّاه!

***
النيل رمــــَّاح،
حافر بس مين بالدهب حنَّاه،
عُرف فضة و طاير وراه،
م الأزل كان و لساه،
جرَّاي دفَّاق كرم، فيَّاض م الكفوف،
ع الجنابي: عرفناش عد و لا حْسابي،
قمنا شربناه، كاس كاس لم سيبنا بواقي،
بالويم كان ميزاننا و كيلنا كان بالطواقي،
و لما بعنا، ما جاش بيعنا الاَّ شـــراوي،
غُمْر و حُضْن و شْمال و كبْشة و مخلابي،
السمك مُشكاك،
و الجزَر شرْش،
و القصب باللبْش،
دا احنا، دون ن عن كل البشر، وهبة "حابي"!
***
النيل سوَّاح،
ياما لف ـ لا زاد شال و لا زوَّاد ـ في الغابات،
النيل قزَّاح،
رهوان طيران ماشي عكس الرياح،
لاجل ياك يلحق يطفي صهد البراري،
وْ يغفى ساعات في فصوص الندى،
و ساعات في البُواخ،
النيل خبَّاز طبَّاخ مطرح ما يدب،
يسيب كوانين و افران،
و يوصِّي الحور و النور ع الطمي الحبلان،
بالاقمار،
و يفرَّق هنا كحكاية و قرصاية هناك!
دا الصلصال من إيد غزَّال كمثل،
النيل ياما طار في الفضا قمري باجنحات،
و نزل ع الشجر زقزقات!
و في قلب الموج،
وسَّع بايديه و على وش التيار ُجزُر و انداح.
النيل أب،
النيل أم الصبايا الملاح،
النيل من شهْد بزازه التمّر راضع وي الولدات،
أمات شنبات!
ِجد قموع السكر الدايب في الغناوي،
اللي أنغامها كانت بتسهَّر قناديل النجوم،
لما يفتَّح برعوم الصباح!

***
النيل لمَّاح،
ماشي بعيونه السود يراشي على البرين:
قلع الاسمراني رهج عريه الفتان،
نتره "دبلان" و "زفير"، "شيت"
و "بوبلين" و "كستور" و "رمش العين"،
و صباعه همس:
اتكسي يا ابدان بالوانات الطيوف!
بس يا قماشي تنساشي تطير تحت أقل الهفوف،
عن بزوز الزان، و كنوز لباليب البان،
دا انت منسوج نسيج من عري النجاشي!
***
النيل فضَّاح،
لم ساب تمساح، سيان كان خلاوي،
و لاَّ كان عرباوي،
يتدحلب ُسكيتي إلاَّ سحب عنه سماه،
بان تحتيه سعار الجوع مدرمغ جدر الناب،
بصو يمين، بصو شمال،
ناقصين احنا ـ و النبي ـ خوازيق،
ناقصين عمارات ناقصين شي فنادق، و لاَّ "مولات"،
دا احنا آخر آخر سلالْة الصلصال!
***
النيل ملاَّح،
لا دليل يرسم له اتجاه،
إلا شوق الزلال يطفي عطش التحاريق،
من صوابع "أوزير" نابع سرسوب، من "نيانزا اسماعين" (1)،
اللي حارسة(ا)ها عالي الهضوب.
تحت الشلالات، من دموع جدتنا إيزيس" فاض على حالنا:
مين خرَّطنا و مين حتتنا و مين فتتنا،
مابقاش أخ إلاَّ وْيكره أخوه، انزفي يا حبابي العينين،
إبكي بحرقة يا "إيزيس"!
تستنِّي ش "نفتيس" خايتك دا الوقيت بتعدد، بتشيل،
الطين على "بشتيل" و "سقيل"، بنت امك بتلطم بشقافة،
تندب و تشلشل بحزام و منديل على "بهتيم" و "اوسيم"،
بنت امك شادة الراس ع اللي سحبو منهم نسغ الحياة،
و سابوهم متعلقين في الهوا من أسامي زهور قلبي،
اللي ناقص هم شي م الدنيا دي إلا معهد ديني،
و خطين "أتوبيس"،
لاجل ن بس تكْمل شهادة الوفاة!
فين "أوزير"، فين "حوريس"؟
فين الأب و فين الابن و فين الأم، و فين العم،
و فين البلديات؟كُرْهنا لبعض نط وقف قدامنا وليد،
ياماناوي، على العقْر و النهْش،
وليد رملاوي،
رمله جواه بيبسِّم عمَِّال يحلم باسوار،
بتبربق ليل و نهار،
ألمونيوم و قزاز بدل سبل الغلة،
مطرح تباسيم الورد اللي شارب،
بقين م الشمس و بق م الضلة،
طب لما "أمشير" في المدى يْطب،
و عيونه الســود تراعي و لا،
يلقاش لا قموح بتبسِّم لبوس الشموس،
في حدود الشوف،
لا شعير، بيميل وي خصور الريح،
لمين ح يقول: سير سير!
و السمان لما يحط فين راح يبني،
عشاشيه؟
و العين لما تنضر،
من فين راح تتكحّل بخضار الزروع!
***
النيل احنا في الرخا زي المحنة،
النيل جدرنا و احنا شواشيه!
و القرصاية دي صلصال من نفس بدنا،
منها فيه!
و ان تغفلق راح نفحت نندفن،
في الطمي الطيِّب، يدمدم علينا،
راقين ضي و راق من رغاويه!
***
آه!
آه!
آه، واتني انزف آه فوق بتل البشنين،
لما النيل يحبل يجيب مين يجلُط عن زهوة الغرْين،
جلخ الاسمنت بيداه!

القرصاية
ديسمبر/كياك 2008
(1) أول اسم للبحيرة اللي اسمها بقا "بحيرة فيكتوريا" في وقت لاحق. و "اسماعين" هو خديوي مصر العظيم اللي كشوفاته لمنابع النيل وصلت لحد البحيرة. و "نيانزا" معناها "بُحيرة" باللغة المحلية.