روح .. مدونة مصرية ح تصدر قريِّب. اللغة الرئيسية بتاعتها هي "اللمح"يعني اللغة المصري الحديثة.."قول الحق و اتبع الحق، ع شان مافي ش فيه أقوى م الحق، إجبن الحق هو اللي بيجلب للحقاني التوقير"(الفلاح الفصيح.العصر الإهناسي. من عصور مصر (القديمة.

السبت، ١١ أبريل ٢٠٠٩

حيض الرجالة

حيض الرجالة

لضربة الأزميل ع الجرانيت رنين القوس كل شعر عُرف الفرس ما يلمس عود المزيكاتي. و لما ضربات الأزميل تنتظم ينضِفر نغم شجي فوق الحنين، و قُرب الأنين.
عدِّينا على ييجي سبعة زيه شغالين, وقوالب جرانيت مصقول متدعورة حوالين منهم، غيرشي هو الفرد الفرداني بينهم اللي حوِّل وشه سِّنة و رجع لمُّه عننا، زي ما تكون ناموسة معدية و قرَّبت منه. و بكدا كان جرَّأنا.

حوِّدنا. اتسحَّبنا قعدنا على بُعد محسوب من مرمى الشرار الناتج عن ضرب الأزميل المنتظم لوش الجرانيت.
صاحبي "حجاج الباي" وفَّر الكلام أما أنا فرميت تحيتي:
ـ سعيدة!
مُدة طويلة عدِّت لحد ما ظنيت إن سمعه قليِّل. و فين وشه اتهلل، زي ما اكون بعت تحيتي لحد في كوكب تاني.

قعدت أتابع انفجارات البردقان في عب الراجل العجوز، بشكل مٍنتظم و الرنين المعدني و النغم المضفور. و في غمرة التأمل تهت ما بقيت ش عارف مين فيهم الجرانيت و مين اللحم و الدم. مين فيهم اللي بينحت و ينعَّم و مين اللي بيقسِّي و يخشِّن في التاني. و فين رسيت: زي الجرانيت ما هو عمَّال ياخد م الراجل العجوز نعومة بيدي له قُصادها خشونة.

اتبخَّرت كل التساؤلات و اتسامت كل الاستفسارات من نافوخي، زي ما أكون فاجومي جهلان و اتورَّط دخل وادي متقدس، له آلهته و طقوسه و شعايره و صلواته و أوراده، و كلها تم ن بلغة غريبة نبراتها ما طرقت ش وداني قبل كدا .

بصيت على صاحبي و دليلي "حجاج الباي" لقيته كمثلي.
و ح نقوم ننسحب نمشي لقينا الراجل العجوز كان شاور لنا على بُكلة فخار جلدها ناشع ندى على خفيف. مديت لقطت البكلة و رفعتها يمته، لقيته هز دقنه ناحيتي. ما اكدب ش كنت عتشان موش عتشان، مفوخر بس استحرمت ألمس فُم البكلة. فالمسافة بين أقرب نبع موي ما تقل ش عن خمس ست ساعات شوب بالتمام و الكمال، ع القدم تحت شمس "أسوان" الفتية. و دي هي نفس المسافة اللي خدناها، صاحبي و أنا، في استئناس مدقات أعلى الجبال في شرق "أسوان، طالعين علاوي نازلين وطاوي، فما كان ش فيه ركوبة نركب ها غير رجلينا.

شفتير الراجل الجرانيت اتحرَّكت، و فين بعد أد إيه فهمت و رديت:
ـ من بحري.
شفتير الراجل هي هياها رجعت اتحركت. و هنا دركت إن أنا راخر موجود على ضهر كوكب أبعد، و فين لما الحرف اللي الراجل المعدن دا بينطقه ينفصل عن جاذبيته و فين لما يدخل جاذبية الكوكب بتاعنا. مرت مدة أد إيه ما حدش يعرف لحد ما جمَّعت. و بعدين قلت:
ـ من "منوف"!
ـ للساع...
الرجالة...
حداكو...
حنكي انفتح مني عايز وداني تلقط الكلمة اللي فلتت من زمة شفتير الراجل الحجر. استفهمت:
ـ حدانا إيه؟
الراجل العجوز ما حب ش يكرر اللي طلع من حنكه. ميِّل سِنة يمتي، و النغم طالع هو هو من لمس الشعر للشعر . قال:
ـ كانو معانا...
صنِّيت أجمع في الحروف اللي لبدت في شقوق السكون و فين فهمت و فين سالت:
ـ كنتو سوا فين؟
ـ في بلاد بعيدة ما نعرف لهاش أسامي!
ـ بتعلمو إيه هناك؟
ـ بنفحت خنادق.
ـ خنادق...؟
ـ الحرب...
ـ حرب إيه؟
ـ الانجليز...!
ـ هو انت حضرت حرب الـ...
و لميت بقيت السؤال خوف لااحسده.
ـ كانو "المنايفة" يسيبونا نفحت ... و يغوطو في قلب الصحرا... شوي و أنينهم يوصل من بعيد ينقَّر طبول وداننا و يلمس شغاف قلوبنا ... حاكم الحيض كان بييجي لهم بوجع أتقل من وجع الستات و يتنهم يدفقو دم و وي الدم حتت لحم بالساعة و بالاتنين... و لما يرجعو نداري منهم جفوننا... بس العين عليهم باردة... كانو صُفر لمون، عيدان بوص ممصوص، أصل الموي نواحيهم مرضانة، بس مسامير... تصورو كانو بيسبقونا...على بال ما نفحت خندق واحد بالتيلة يكونو هم فحتو خندقين بالراحة... و يميِّلو يحطو إيديهم على إيدينا ... دنِّت ني اضرب كف على كف لحد ولد عمي ما رسَّاني قال: أصلهم بيصعبو ع الملايكة يقومو ينزلو من سماهم يساعدوهم. أصل ولد عمي دا ...إنتو ما سعدكو ش زمان كو و ريتوه... مخه كان يوزن برَّين.